كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


332 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ المرأة ينزل منها الحيض بعد غروب الشمس بقليل هل صومها صحيح‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ صوم هذه المرأة صحيح حتى لو أحست بأعراض الحيض قبل الغروب من الوجع والتألم، ولكنها لم تره خارجاً إلا بعد الغروب، فإن صومها صحيح، لأن الذي يفسد الصوم هو خروج دم الحيض قبل غروب الشمس، وليس الإحساس به، بل خروجه بالفعل، والله أعلم‏.‏

* * *

432 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ شخص يقول‏:‏ أفيدكم أن لي والدة تبلغ من العمر خمسة وستين عاماً ولها مدة تسع عشرة سنة وهي لم تأت بأطفال، والآن معها نزيف دم لها مدة ثلاث سنوات، وهو مرض يبدو أتاها في تلك الفترة، ولأنها ستستقبل الصيام كيف تنصحونها لو تكرمتم‏؟‏ وكيف يتصرف مثلها لو سمحتم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ مثل هذه المرأة التي أصابها نزيف الدم حكمها أن تترك الصلاة والصوم مدة عادتها السابقة قبل هذا الحدث الذي أصابها، فإذا كان من عادتها أن الحيض يأتيها من أول كل شهر لمدة ستة أيام مثلاً، فإنها تجلس من أول كل شهر مدة ستة أيام لا تصلي ولا تصوم، فإن انقضت اغتسلت وصلت وصامت، وكيفية الصلاة لهذه وأمثالها أن تغسل فرجها غسلاً تاماً وتعصبه وتتوضأ وتفعل ذلك بعد دخول وقت صلاة الفريضة، وكذلك تفعله إذا أرادت أن تتنفل في غير أوقات فرائض، وفي هذه الحال ومن أجل المشقة عليها يجوز لها أن تجمع صلاة الظهر مع العصر، وصلاة المغرب مع العشاء حتى يكون عملها هذا واحداً للصلاتين‏:‏ صلاة الظهر والعصر، وواحداً للصلاتين‏:‏ صلاة المغرب والعشاء، وواحداً لصلاة الفجر، بدلاً من أن تعمل ذلك خمس مرات تعمله ثلاث مرات‏.‏ وأعيده مرة ثانية أقول‏:‏ عندما تريد الطهارة تغسل فرجها وتعصبه بخرقة أو شبهها حتى يخف الخارج، ثم تتوضأ وتصلي، تصلي الظهر أربعاً، والعصر أربعاً، والمغرب ثلاثاً، والعشاء أربعاً، والفجر ركعتين، أي أنها لا تقصر كما يتوهمه بعض العامة، ولكن يجوز لها أن تجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين صلاتي المغرب والعشاء، الظهر مع العصر، إما تأخيراً أو تقديماً، وكذلك المغرب مع العشاء إما تقديماً أو تأخيراً، وإذا أرادت أن تتنفل بهذا الوضوء فلا حرج عليها‏.‏

* * *

532 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إذا أكل الصائم أو شرب ناسياً فما حكم صومه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا أكل الصائم أو شرب ناسياً فصومه صحيح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه‏)‏ متفق عليه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ لكن متى ذكر وجب عليه الإقلاع ولو كان الطعام أو الشراب في فمه فليلفظه‏.‏

* * *

632 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما الحكم إذا أكل الصائم ناسياً‏؟‏ وما الواجب على من رآه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ من أكل أو شرب ناسياً وهو صائم فإن صيامه صحيح، لكن إذا تذكر يجب عليه أن يقلع حتى إذا كانت اللقمة أو الشربة في فمه، فإنه يجب عليه أن يلفظها، ودليل تمام صومه قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ‏:‏ ‏(‏من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه‏)‏ ولأن النسيان لا يؤاخذ به المرء في فعل محظور، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ‏}‏ فقال الله تعالى‏:‏ قد فعلت‏.‏

أما من رآه فإنه يجب عليه أن يذكره، لأن هذا من تغيير المنكر، وقد قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه‏)‏ ولا ريب أن أكل الصائم وشربه حال صيامه من المنكر، ولكنه يعفى عنه حال النسيان لعدم المؤاخذة، أما من رآه فإنه لا عذر له في ترك الإنكار عليه‏.‏

* * *

732 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إذا رؤي صائم يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسياً فهل يذكر أم لا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ من رأى صائماً يأكل أو يشرب في نهار رمضان فإنه يجب عليه أن يذكره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سها في صلاته‏:‏ ‏(‏فإذا نسيت فذكروني‏)‏ والإنسان الناسي معذور لنسيانه‏.‏ لكن الإنسان الذاكر الذي يعلم أن هذا الفعل مبطل لصومه ولم ينكر عليه يكون مقصراً، لأن هذا هو أخوه فيجب أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه‏.‏

والحاصل أن من رأى صائماً يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسياً فإنه يذكره، وعلى الصائم أن يمتنع من الأكل فوراً، ولا يجوز له أن يتمادى في أكله أو شربه‏.‏ بل لو كان في فمه ماء، أو شيء من طعام فإنه يجب عليه أن يلفظه، ولا يجوز له ابتلاعه بعد أن ذكر، أو ذكر أنه صائم‏.‏

وإنني بهذه المناسبة أود أن أبين أن المفطرات التي تفطر الصائم، لا تفطره في ثلاث حالات‏:‏

الأولى‏:‏ إذا كان ناسياً‏.‏

الثانية‏:‏ إذا كان جاهلاً‏.‏

الثالثة‏:‏ إذا كان غير قاصد‏.‏

فإذا نسي فأكل أو شرب فصومه تام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه‏)‏ وإذا أكل أو شرب يظن أن الفجر لم يطلع، أو يظن أن الشمس قد غربت، ثم تبين أن الأمر خلاف ظنه، فإن صومه صحيح لحديث أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ قالت‏:‏ ‏(‏أفطرنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس‏)‏، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء‏)‏ ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنقل إلينا، لأنه إذا أمرهم به صار من شريعة الله، وشريعة الله لابد أن تكون محفوظة بالغة إلى يوم القيامة‏.‏

وكذلك إذا لم يقصد فعل ما يفطر فإنه لا يفطر، كما لو تمضمض فنزل الماء إلى جوفه، فإنه لا يفطر بذلك لأنه غير قاصد‏.‏

وكما لو احتلم وهو صائم فأنزل فإنه لا يفسد صومه؛ لأنه نائم غير قاصد، وقد قال الله عز وجل‏:‏ ‏{‏وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَاتُمْ بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ‏}‏‏.‏

* * *

832 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إذا أكل الصائم ناسياً فماذا يجب على من رآه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا رأى صائماً يأكل فليذكره؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، كما لو رأى الإنسان شخصاً مصلياً إلى غير القبلة، أو رأى شخصاً يريد أن يتوضأ بماء نجس، أو ما أشبه ذلك، فإنه يجب عليه تبيين الأمر له، والصائم وإن كان معذوراً لنسيانه لكن أخوه الذي يعلم بالحال غير معذور، فيجب عليه أن يذكره، ولعل هذا يؤخذ من قول الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني‏)‏ فإنه إذا كان يذكر الناسي في الصلاة فكذلك الناسي في الصوم يذكر‏.‏

* * *

932 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم الأكل والشرب في صيام التطوع‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الأكل والشرب أثناء الصيام يبطلان الصيام، لكن إن كان فرضاً فهو آثم، وإن كان تطوعاً فلا بأس أن يُفطر؛ لأنه نفل، والنافلة يجوز قطعها إلا الحج والعمرة، فإنه يجب إتمامهما ولو كانا نفلاً، لكن يُكره للإنسان أن يقطع النفل إلا لغرض صحيح‏.‏

* * *

042 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم من أكل أو شرب ناسياً‏؟‏ وكيف يصنع إذا ذكر أثناء ذلك‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ سبق الكلام أن الناسي لا يفسد صومه ولو أكل كثيراً وشرب كثيراً مادام على نسيانه، فصومه صحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه‏)‏‏.‏ ولكن يجب في حين أن يذكر أن يمتنع عن الأكل والشرب، حتى لو فرضنا أن اللقمة أو الشربة في فمه وجب عليه لفظها؛ لأن العذر الذي جعله الشارع مانعاً من التفطير قد زال‏.‏

* * *

142 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ رجل صائم أغمي عليه وصار أثناء الإغماء يحرك رأسه ويخرج اللعاب من فمه فقام شخص حضره فرشه بالماء فحقن ماءً في فمه فهل يفطر أم لا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ من المعلوم أن الذي أغمي عليه وصب الماء في حلقه أنه لا يشعر، ولكن هل يفطر‏؟‏ أو لا يفطر المشهور من مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ أنه لا يفطر بذلك، لأنه حصل بغير اختياره ومن شروط المفطرات أن يكون الصائم المتناول لها باختياره، وهذا لا اختيار له في ذلك‏.‏

وقال بعض العلماء‏:‏ إنه يفطر‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ إنه إن كان يرضى بذلك عادة فإنه يفطر، وإن كان لا يرضى بذلك فإنه لا يفطر، والظاهر القول الأول‏:‏ أنه لا يفطر، وعلى هذا فصيامه صحيح؛ لأن هذا الأمر حصل بغير اختياره، وإن قضى يوماً مكان هذا اليوم فهو خير، فإن كان يلزمه فقد أبرأ ذمته، وإن كان لا يلزمه فقد تطوع به‏.‏

* * *

242 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ امرأة تشتكي من زوجها الذي لا يلتزم بالصيام والصلاة أبداً وله فيها آراء غير حسنة، ويجبرها على الإفطار في رمضان فما حكم بقائها معه‏؟‏ وماذا عليها في إفطارها‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ أقول‏:‏ إن هذا من المؤسف أن يكون موجوداً في بلد كبلدنا، بلد إسلامي محافظ والحمد لله، منَّ الله عليه بالرخاء والأمن الموجبين للشكر وزيادة الطاعة، ولكن مع الأسف أن بعض الناس لا تزيده النعم إلا طغياناً وبطراً وأشراً‏.‏

وهذا الرجل الذي ذكرت عنه أنه لا يصوم ولا يصلي هذا لا شك عندي أنه كافر، وأنه مرتد، وأن نكاحه قد انفسخ، ولا يحل لها أن تبقى عنده طرفة عين، لأنه بردته زال نكاحه‏.‏ فيجب على زوجته أن تذهب إلى أهلها وتدعه، ثم إن هداه الله ومنّ عليه قبل أن تخرج من العدة فهي زوجته، فإن خرجت العدة قبل أن يمن الله عليه بالرجوع للإسلام فأكثر أهل العلم يرون أنه لا رجوع له عليها، إلا أن يرجع إلى الإسلام فتحل له بعقد جديد، ويرى بعض أهل العلم‏:‏ أنها إن شاءت رجعت إليه بدون عقد، فيكون الخيار لها إن شاءت رجعت إذا تاب وأناب إلى الله، وإن شاءت لم ترجع، وهذا هو الصحيح، وإما أجباره إياها على الفطر، فإذا كان قد أكرهها وهي لا تستطيع منعه فلا شيء عليها‏.‏ وأما في المستقبل فما دمنا قلنا‏:‏ إنه يجب عليها أن تذهب إلى أهلها فإنها قد تخلصت منه إن شاءالله تعالى‏.‏

* * *

342 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يؤثر على الصوم استنشاق الدخان الصادر من المصانع‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يؤثر دخول دخان المصانع على الصوم وكذلك الغبار، لأن الغبار أو الدخان يدخل بغير اختيارهم، ولكن من الناحية الصحية أرى أنه لابد أن يبحثوا عن كمامات يدرؤون بها خطر هذا الدخان والغبار، لأن نفس الإنسان أمانة عنده، فيجب عليه أن يتقي الله تعالى في هذه الأمانة، وألا يعرضها للأضرار والتلف‏.‏

بهذه المناسبة أود أن أبين أن المفطرات لا تفطر إلا بثلاثة شروط‏:‏

الشرط الأول‏:‏ أن يكون الفاعل لها عالماً‏.‏

الشرط الثاني‏:‏ أن يكون ذاكراً‏.‏

الشرط الثالث‏:‏ أن يكون مختاراً‏.‏

فإن كان جاهلاً فصومه صحيح، سواء كان جاهلاً بالحكم، أو جاهلاً بالوقت‏.‏

فالجهال بالحكم مثل أن يحتجم رجل وهو صائم يظن أن الحجامة لا تؤثر، فهذا لا شيء عليه، لأنه جاهل بالحكم، والجاهل بالوقت مثل أن يظن أن الفجر لم يطلع فيأكل ويشرب، ثم يتبين له بعد ذلك أنه قد أكل وشرب بعد طلوع الفجر، فإن صيامه صحيح، ولا قضاء عليه، لأنه جاهل بالوقت، ودليل هذا عموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَاتُمْ بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ‏}‏ وخصوص حديث أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ قالت‏:‏ ‏(‏أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس‏)‏ رواه البخاري‏.‏ ولم تذكر أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمرهم بالقضاء ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به النبي عليه الصلاة والسلام، ولنقل إلى الأمة؛ لأنه إذا كان القضاء واجباً في هذه الحالة كان من شريعة الله، وشريعة الله لابد أن تكون منقولة محفوظة، ودليل الجهل بالحكم حديث عدي بن حاتم ـ رضي الله عنه ـ أنه جعل يأكل ويشرب وقد اتخذ عقالين، وهما الحبلان اللذان تعقل بهما الناقة‏:‏ أحدهما‏:‏ أسود، والثاني‏:‏ أبيض، وجعل يأكل ويشرب وهو ينظر إلى هذين العقالين، فلما تبين الأبيض من الأسود أمسك، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل‏)‏ ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء، لأنه كان جاهلاً بالحكم، حيث فهم الآية على غير المراد بها‏.‏

وفي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ قالت‏:‏ ‏(‏أفطرنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس‏)‏ ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالقضاء، لأنهم كانوا جاهلين بالوقت، حين ظنوا أنهم في وقت يحل فيه الفطر، لكن متى علم أن الشمس لم تغرب وجب عليه الإمساك حتى تغرب‏.‏

ومثل ذلك لو أكل بعد طلوع الفجر يظن أن الفجر لم يطلع ثم تبين أنه طلع فإنه لا قضاء عليه، لكن متى علم أن الفجر لم يطلع وجب عليه الإمساك‏.‏

وأما الذكر فضده النسيان، فمن تناول شيئاً من المفطرات ناسياً فصيامه صحيح تام، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ أَوْ أَخْطَانَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ‏}‏، وقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه‏)‏ لكن متى تذكر، أو ذكره أحد وجب عليه الإمساك‏.‏

وأما القصد فهو الاختيار وضده الإكراه وعدم القصد، فمن أكره على شيء من المفطرات ففعل فلا إثم عليه، وصيامه صحيح؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ‏}‏ ولأن الله رفع حكم الكفر عمن أكره عليه فما دونه من باب أولى‏.‏ ولقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه‏)‏ وهو حديث حسن، وتشهد له النصوص، ولقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من ذرعه القيء ـ أي غلبه ـ فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض‏)‏ أخرجه الخمسة إلا النسائي وصححه الحاكم‏.‏ ومن حصل له شيء من المفطرات بلا قصد فصومه صحيح ولا إثم عليه‏.‏

* * *

442 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عمن يطحن الحبوب إذا تطاير إلى حلقه شيء من جراء ذلك وهو صائم فهل يجرح ذلك صومه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إن ذلك لا يجرح صومه، وصومه صحيح؛ لأن تطاير هذه الأمور بغير اختياره، وليس له قصد في وصولها إلى جوفه، وأحب أن أبين أن المفطرات التي تفطر الصائم من الجماع والأكل والشرب وغيره لا يفطر بها الإنسان إلا بثلاثة شروط‏:‏

1 ـ أن يكون عالماً فإن لم يكن عالماً لم يفطر، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَاتُمْ بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ‏}‏‏.‏

ولقوله تعالى‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ‏}‏ فقال الله تعالى‏:‏ قد فعلت، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه‏)‏‏.‏ والجاهل مخطىء لو كان عالماً ما فعل، فإذا فعل شيئاً من المفطرات جاهلاً فلا شيء عليه، وصومه تام وصحيح، سواء كان جهله بالحكم أم بالوقت‏.‏

مثال جهله بالحكم أن يتناول شيئاً من المفطرات يظنه أنه لا يفطر، كما لو احتجم يظن أن الحجامة لا تفطر، فنقول‏:‏ إن صومك صحيح ولا شيء عليك‏.‏

ومثال جهله بالوقت‏:‏ أن يظن أن الفجر لم يطلع، فيأكل، فصومه صحيح‏.‏

2 ـ أن يكون ذاكراً، فإن كان ناسياً لم يفطر‏.‏

3 ـ أن يكون مختاراً، فإن كان غير مختار لم يفطر‏.‏

* * *

542 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم الجلوس في نهار رمضان قرب أجهزة لها بخار أو دخان‏؟‏ وإذا كان ذلك من صميم عملي فما الحكم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الجواب أن هذا لا بأس به، ولكنه لا يتعمد ويتقصد أن يستنشق هذا الدخان أو هذا الغبار، فإذا دخل إلى جوفه من غير قصد ولا إرادة فإنه لا بأس به ولا يضره‏.‏

* * *

642 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ رجل صائم غلبه التفكير فأنزل فهل يفسد صومه بذلك‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا فكر الإنسان في الجماع وهو صائم وأنزل بدون أن يحصل منه أي حركة، بل مجرد تفكير، فإنه لا يفسد صومه بذلك لا في رمضان ولا في غيره، لأن التفكير في القلب وهو حديث نفس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل، أو تتكلم‏)‏ أما إن كان منه حركة كعبث في مناطق الشهوة وتقبيل زوجته حتى ينزل فإن صومه يفسد بذلك‏.‏

* * *

742 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ من أنزل من غير جماع في نهار رمضان فما الحكم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا كان هذا الإنزال في حال النوم فإنه لا يضره لأنه بغير اختياره، وكذلك إذا كان الإنزال عن تفكير مثل أن يفكر الإنسان أنه يجامع أهله فأنزل فإنه لا يفسد صومه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل، أو تتكلم‏)‏ ولكن لا يتخذ من هذا عادة فيكثر التفكير في ذلك‏.‏

أما لو كان الإنزال بالمعالجة مثل أن يتمرغ الإنسان على فراشه، أو يقبل زوجته، أو يحرك ذكره حتى ينزل، فإن الصوم في هذه الحال يفسد، ويكون آثماً بذلك إن كان الصيام واجباً ويلزمه القضاء، وعليه أيضاً الإمساك إن كان ذلك في رمضان‏.‏

* * *

842 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يفسد صيام من احتلم ليلاً‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الاحتلام أمر قهري ليس باختيار الإنسان ولا حيلة له في رده، فإذا احتلم الصائم نهاراً لا يبطل صومه ولو تكرر، لكونه يقع منه في النوم، وقد رفع عنه القلم حتى يستيقظ، فأما الاحتلام ليلاً فلا أعلم قائلاً بإبطاله للصوم‏.‏

* * *

942 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ رجل جلس مع زوجته في يوم من أيام رمضان وهو صائم ولاعبها في فراشهما ونام، ثم احتلم في أثناء النوم فهل عليه قضاء الصيام‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ليس عليه قضاء؛ لأن الاحتلام الذي يكون في النوم ليس باختيار المرء، ولا فرق بين أن يحدث لذلك أسباباً من تفكير أو ما أشبه ذلك ثم يحدث في أثناء نومه، المهم أن هذا المني الذي نزل منه وهو نائم، وعلى هذا فليس عليه قضاء الصوم، وصومه صحيح‏.‏

* * *

052 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عمن احتلم في نهار رمضان‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ جوابنا على ذلك نقول‏:‏ صيامه صحيح، فإن الاحتلام لا يبطل الصوم؛ لأنه بغير اختياره، وقد رفع القلم عنه في حال نومه، ولكن ينبغي للإنسان أن يستوعب يوم الصوم بالذكر وقراءة القرآن، وطاعة الله سبحانه وتعالى، وأن لا يفعل كما يفعله كثير من الناس يسهرون في لياليهم في ليالي رمضان، ربما يسهرون على أمر لا ينفعهم ويضرهم، وإذا كان في النهار يستغرقون النهار كله بالنوم، فإن هذا لا ينبغي، بل الذي ينبغي أن يجعل الإنسان صيامه محلاًّ للطاعات والذكر وقراءة القرآن وغير هذا مما يقرب من الله تبارك وتعالى، والله أعلم‏.‏

* * *

152 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إذا احتلم الصائم فهل يضر ذلك الاحتلام الصيام‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا احتلم الصائم في نهار الصوم لم يضره؛ لأنه بغير اختياره، والنائم مرفوع عنه القلم‏.‏

* * *

252 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم السباحة للصائم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا بأس للصائم أن يسبح، وله أن يسبح كما يريد، وينغمس في الماء، ولكن يحرص على أن لا يتسرب الماء إلى جوفه بقدر ما يستطيع، وهذه السباحة تنشط الصائم وتعينه على الصوم، وما كان منشطاً على طاعة الله فإنه لا يمنع منه، فإنه مما يخفف العبادة على العباد وييسرها عليه، وقد قال الله تبارك وتعالى في معرض آيات الصوم‏:‏ ‏{‏يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ‏}‏ والنبي عليه الصلاة والسلام قال‏:‏ ‏(‏إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه‏)‏‏.‏ والله أعلم‏.‏

* * *

352 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم العوم للصائم أو الغوص في الماء‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا بأس أن يغوص الصائم في الماء، أو يعوم فيه ـ أي يسبح ـ لأن ذلك ليس من المفطرات، والأصل الحل حتى يقوم دليل على الكراهة، أو على التحريم، وليس هناك دليل على التحريم ولا على الكراهة، وإنما كرهه بعض أهل العلم خوفاً من أن يدخل إلى حلقه شيء وهو لا يشعر به‏.‏

* * *

452 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم الاستحمام في نهار رمضان أكثر من مرة، أو الجلوس عند مكيف طوال الوقت، وهذا المكيف يفرز رطوبة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ سبق الكلام في جواب سابق بما يدل على أن ذلك جائز، وأنه لا بأس به، وقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام يصب على رأسه الماء من الحر، أو من العطش وهو صائم، وكان ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ يبل ثوبه وهو صائم بالماء لتخفيف شدة الحر، أو العطش، والرطوبة لا تؤثر، لأنها ليست ماء يصل إلى المعدة‏.‏

* * *

552 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن حكم إكثار الصائم من الغسل لأجل التبرد‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا أكثر الصائم من الغسل للتبرد لم يخل ذلك بصومه، لأنه من الاستعانة به على طاعة الله تعالى ونشاط الإنسان فيها، ولا يقلل ذلك من أجره مادام لم يتكره الصوم ويتضجر منه‏.‏

* * *

652 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عمن ينام وعليه جنابة وقد أدركه أذان الفجر فقام واغتسل، فهل صيامه ذلك صحيح‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نعم صيام ذلك اليوم صحيح، وذلك لأنه لا حرج على المرء أن يدخل في الصيام وعليه جنابة، حتى لو طلع الفجر وهي عليه، ثم اغتسل بعد طلوع الفجر، فإنه لا حرج عليه في ذلك، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدركه الفجر وهو جنب من أهله، ثم يغتسل ويصوم ويستمر في صيامه‏.‏

وما فعله النبي عليه الصلاة والسلام فإنه لا شك في جوازه، لأن الأصل أن لنا فيه عليه الصلاة والسلام أسوة حسنة، وإن ما فعله فالأمة تبع له فيه إلا ما قام الدليل على أنه خاص به صلى الله عليه وسلم، فإنه يختص به‏.‏ وقد أشار إلى ذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ‏}‏ فإن إباحة مباشرة النساء إلى طلوع الفجر يستلزم طلوع الفجر وهو جنب قبل أن يغتسل‏.‏ والحمد لله رب العالمين‏.‏

* * *

752 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل على الصائم حرج إذا أصبح جنباً من أهله‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ليس على الصائم حرج إذا أصبح جنباً من أهله فخرج الفجر قبل أن يغتسل، لأن الله تعالى أباح مباشرة النساء إلى طلوع الفجر، ولازم ذلك أن يدركه الفجر وهو جنب، وثبت في الصحيحين من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً من جماع أهله ويصوم‏.‏

852 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل صحيح أن المضمضة في الوضوء تسقط عن الصائم في نهار رمضان‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ليس هذا بصحيح، فالمضمضة في الوضوء فرض من فروض الوضوء، سواء في نهار رمضان أو في غيره للصائم ولغيره، لعموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَآءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ‏}‏ لكن لا ينبغي أن يبالغ في المضمضة أو الاستنشاق وهو صائم، لحديث لقيط بن صبرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له‏:‏ ‏(‏وأسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً‏)‏‏.‏

* * *

952 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن التمضمض من شدة الحر هل يفسد الصوم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يفسد الصوم بذلك؛ لأن الفم في حكم الظاهر، ولهذا يتمضمض الصائم في صيامه ولا يفطر به، ومن ثم كانت المضمضمة واجبة في الوضوء، ولو لم يكن الفم في حكم الظاهر من الجسد ما كان غسله واجباً في الوضوء، ثم إن المضمضمة بالماء إذا يبس الفم من شدة الحر مما ييسر الصوم ويسهله، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصب الماء على رأسه من العطش في شدة الحر وهو صائم، وكان ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ يبل ثوبه في صومه ويلبسه ليبرد على جسده، وكان لأنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ حوض يملأه ماء فيسبح فيه وهو صائم، كل هذا مما يدل على أن فعل ما يخفف الصوم على الإنسان جائز ولا بأس به، ولكن ليحذر هذا المتمضمض من تسرب الماء إلى داخل جوفه، فإن ذلك يكون خطراً، ولكن مع هذا لو تسرب الماء إلى جوفه على هذه الحال بدون اختياره فإنه ليس عليه في ذلك بأس، والله أعلم‏.‏

* * *

062 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم المبالغة في المضمضمة والاستنشاق في نهار رمضان‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الأولى أن يكون السؤال هكذا‏:‏ ما حكم المبالغة في المضمضمة والاستنشاق للصائم‏؟‏

وجواب أن ذلك مكروه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة ـ رضي الله عنه ـ‏:‏ ‏(‏أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً‏)‏ وهذا دليل على أن الصائم لا يبالغ في الاستنشاق والمضمضة، لأن ذلك قد يؤدي إلى نزول الماء إلى جوفه فيفسد به صومه، لكن لو فرض أنه بالغ ودخل الماء إلى جوفه بدون قصد فإنه لا يفطر بذلك؛ لأن من شروط الفطر أن يكون الصائم قاصداً لفعل ما يحصل به الفطر‏.‏

162 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إذا تمضمض الصائم أو استنشق فدخل الماء إلى جوفه فهل يفطر بذلك‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا تمضمض الصائم، أو استنشق فدخل الماء إلى جوفه لم يفطر؛ لأنه لم يتعمد ذلك لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ‏}‏‏.‏

* * *

262 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يبطل الصوم باستعمال دواء الغرغرة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يبطل الصوم إذا لم يبتلعه، ولكن لا تفعله إلا إذا دعت الحاجة ولا تفطر به إذا لم يدخل جوفك شيء منه‏.‏

* * *

362 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ من أكل شاكًّا في طلوع الفجر ثم تبين له أن الفجر قد طلع‏؟‏ وكذلك من أكل ظانًّا أن الشمس غربت ثم تبين أنها لم تغرب‏؟‏ ومن أكل شاكًّا في غروب الشمس ثم تبين أنها لم تغرب‏؟‏ فما الحكم في هذه الحالات أفتونا مأجورين‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا شك في طلوع الفجر هل طلع أم لا‏؟‏ ثم أكل ثم تبين بعد ذلك أنه قد طلع الفجر فلا قضاء عليه، سواء غلب على ظنه أن الفجر قد طلع أم لم يغلب؛ لأن الله يقول‏:‏ ‏{‏وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ‏}‏ والأكل المأذون فيه ليس فيه إثم ولا قضاء‏.‏

أما في غروب الشمس فإن أكل ظانًّا غروب الشمس ثم تبين أنها لم تغرب فلا قضاء عليه على القول الراجح لحديث أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ أنهم أفطروا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غيم، ثم طلعت الشمس ولم يؤمروا بالقضاء‏.‏

وأما إذا أكل شاكًّا في غروب الشمس ثم تبين أنها لم تغرب فإنه يجب عليه القضاء؛ لأن الأكل في هذه الحال ـ أي في حال الشك في غروب الشمس ـ حرام عليه، إذ لا يجوز له أن يفطر إلا إذا تيقن غروب الشمس، أو غلب على ظنه غروبها، وفي هذه الحال أي إذا أكل شاكًّا في غروب الشمس ثم تبين أنها لم تغرب يجب عليه القضاء، لأن فطره غير مأذون به‏.‏

* * *

462 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ نرى بعض التقاويم في شهر رمضان يوضع فيه قسم يسمى ‏(‏الإمساك‏)‏ وهو يجعل قبل صلاة الفجر بنحو عشر دقائق، أو ربع ساعة فهل هذا له أصل من السنة أم هو من البدع‏؟‏ أفتونا مأجورين‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا من البدع، وليس له أصل من السنة، بل السنة على خلافه، لأن الله قال في كتابه العزيز‏:‏ ‏{‏وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ‏}‏‏.‏ وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر‏)‏‏.‏ وهذا الإمساك الذي يصنعه بعض الناس زيادة على ما فرض الله ـ عز وجل ـ فيكون باطلاً، وهو من التنطع في دين الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون‏)‏‏.‏

* * *

562 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ قمت لتناول طعام السحور ولم أكن أعلم أن الوقت قد دخل، وتناولت كأساً من الماء فتبينت دخول الفجر بمدة زمنية ليست بيسيرة، فهل يبطل صومي بهذا العمل أم لا‏؟‏ علماً أن الصوم كان نافلة وليس فرضاً‏؟‏ جزاكم الله خيراً‏.‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا كان أكلك وشربك بعد طلوع الفجر جاهلاً بطلوع الفجر فإنه لا إثم عليك ولا قضاء؛ لعموم الأدلة الدالة على أن الإنسان لا يؤاخذ بجهله ونسيانه، وقد ثبت في صحيح البخاري أن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ قالت‏:‏ ‏(‏أفطرنا على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس‏)‏ ولم يؤمروا بقضاء، ولو كان القضاء واجباً لبلغه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، ولنقل إلينا، فإنه يكون حينئذ من شريعة الله، وشريعة الله محفوظة ولابد أن تنقل وتفهم، كذلك لو أكل الإنسان وهو صائم ناسياً فإنه لا قضاء عليه لحديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏من نسي وهو صائم فأكل، أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه‏)‏ ‏.‏

* * *

662 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ تحريت وقت الفجر قدر استطاعتي وظننت بقاء الليل فقمت للسحور فسمعت أثناء ذلك أذان الفجر فلفظت اللقمة ونويت الصوم فهل صومي صحيح‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الصوم صحيح؛ لأنه لم يأكل بعد أن تبين الفجر‏.‏

* * *

762 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إذا تسحر الصائم معتقداً أنه ليل فتبين بعد ذلك أن الفجر قد طلع فما حكم صيامه ذلك اليوم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا تسحر الصائم معتقداً أنه ليل فتبين بعد ذلك أن الفجر قد طلع فصيامه صحيح، لأن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ‏}‏ في صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ قالت‏:‏ ‏(‏أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس‏)‏‏.‏ ولم تذكر أنهم أمروا بالقضاء، وفي هذا دليل على أن الجاهل لا يفسد صومه‏.‏

* * *

862 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم الذين يتقدمون في أذان الفجر في رمضان‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الذين يتقدمون في الأذان في أيام الصوم يتسرعون في أذان الفجر، يزعمون أنهم يحتاطون بذلك للصيام وهم في ذلك مخطئون لسببين‏:‏

السبب الأول‏:‏ أن الاحتياط في العبادة هو لزوم ما جاء به الشرع، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر‏)‏ ما قال حتى يقرب طلوع الفجر، إذاً فالاحتياط للمؤذنين‏:‏ أن لا يؤذنوا حتى يطلع الفجر‏.‏

السبب الثاني‏:‏ قد أخطأ هؤلاء المؤذنون الذين يؤذنون للفجر قبل طلوع الفجر، وزعموا أنهم يحتاطون لأمر احتياطهم فيه غير صحيح، لكنهم يفرطون في أمر يجب عليهم الاحتياط له وهو صلاة الفجر، فإنهم إذا أذنوا قبل طلوع الفجر صلى الناس وخصوصاً الذين لا يصلون في المساجد من نساء، أو معذورين عن الجماعة صلاة الفجر، وحينئذ يكون أداؤهم لصلاة الفجر قبل وقتها، وهذا خطأ عظيم، لهذا أوجه النصيحة لإخواني المؤذنين أن لا يؤذنوا إلا إذا تبين الصبح وظهر لهم، فإذا ظهر لهم سواء شاهدوا بأعينهم، أو علموه بالحساب الدقيق فإنهم يؤذنون، وينبغي للمرء أن يكون مستعداً للإمساك قبل الفجر خلاف ما يفعله بعض الناس إذا قرب الفجر جدًّا قدم سحوره زاعماً أن هذا هو أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتأخير السحور، ولكن ليس هذا بصحيح، فإن تأخير السحور إنما ينبغي إلى وقت يتمكن الإنسان فيه من التسحر قبل طلوع الفجر، والله أعلم‏.‏

* * *

962 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم الأكل والشرب والمؤذن يؤذن، أو بعد الأذان بوقت يسير ولاسيما إذا لم يعلم طلوع الفجر تحديداً‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الحد الفاصل الذي يمنع الصائم من الأكل والشرب هو طلوع الفجر، لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ‏}‏ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر‏)‏‏.‏

فالعبرة بطلوع الفجر، فإذا كان المؤذن ثقة ويقول‏:‏ إنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر، فإنه إذا أذن وجب الإمساك بمجرد سماع أذانه، وأما إذا كان المؤذن يؤذن على التحري فإن الأحوط للإنسان أن يمسك عند سماع أذان المؤذن، إلا أن يكون في برية ويشاهد الفجر، فإنه لا يلزمه الإمساك ولو سمع الأذان حتى يرى الفجر طالعاً، إذا لم يكن هناك مانع من رؤيته، لأن الله تعالى علق الحكم على تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في أذان ابن أم مكتوم ـ رضي الله عنه ـ‏:‏ ‏(‏فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر‏)‏‏.‏

وإنني أنبه هنا على مسألة يفعلها بعض المؤذنين، وهي أنهم يؤذنون قبل الفجر بخمس دقائق، أو أربع دقائق زعماً منهم أن هذا من باب الاحتياط للصوم‏:‏

وهذا احتياط نصفه بأنه تنطع، وليس احتياطاً شرعيًّا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏هلك المتنطعون‏)‏ وهو احتياط غير صحيح، لأنهم إن احتاطوا للصوم أساؤوا في الصلاة، فإن كثيراً من الناس إذا سمع المؤذن قام فصلى الفجر، وحينئذ يكون هذا الذي قام على سماع أذان المؤذن الذي أذن قبل صلاة الفجر يكون قد صلى الصلاة قبل وقتها، والصلاة قبل وقتها لا تصح، وفي هذا إساءة للمصلين، ثم إن فيه أيضاً إساءة إلى الصائمين، لأنه يمنع من أراد الصيام من تناول الأكل والشرب مع إباحة الله له ذلك، فيكون جانياً على الصائمين حيث منعهم ما أحل الله لهم، وعلى المصلين حيث صلوا قبل دخول الوقت، وذلك مبطل لصلاتهم‏.‏

فعلى المؤذن أن يتقي الله عز وجل، وأن يمشي في تحريه للصواب على ما دل عليه الكتاب والسنة‏.‏ والله الموفق‏.‏

* * *

072 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ بعض الأشخاص يأكلون والأذان الثاني يؤذن في الفجر فهل صيامهم صحيح‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا كان المؤذن يؤذن على طلوع الفجر يقيناً فإنه يجب الإمساك من حين أن يسمع المؤذن فلا يأكل، أو يشرب‏.‏

أما إذا كان يؤذن عند طلوع الفجر ظنًّا لا يقيناً كما هو الواقع في هذه الأيام فإن له أن يأكل ويشرب إلى أن ينتهي المؤذن من الآذان‏.‏

* * *

172 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ قلتم ـ حفظكم الله ـ إنه يجب الإمساك بمجرد سماع المؤذن ويحدث ومن عدة سنوات أنهم لا يمسكون عن الطعام حتى نهاية الأذان، فما حكم عملهم هذا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الأذان لصلاة الفجر إما أن يكون بعد طلوع الفجر أو قبله، فإن كان بعد طلوع الفجر فإنه يجب على الإنسان أن يمسك بمجرد سماع النداء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر‏)‏ فإذا كنت تعلم أن هذا المؤذن لا يؤذن إلا إذا طلع الفجر فأمسك بمجرد أذانه، أما إذا كان المؤذن يؤذن بناء على ما يعرف من التوقيت، أو بناء على ساعته فإن الأمر في هذا أهون‏.‏

وبناء على هذا نقول لهذا السائل‏:‏ إن ما مضى لا يلزمكم قضاؤه، لأنكم لم تتيقنوا أنكم أكلتم بعد طلوع الفجر، لكن في المستقبل ينبغي للإنسان أن يحتاط لنفسه، فإذا سمع المؤذن فليمسك‏.‏

* * *

272 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ شخص موجود بالحرم وهو لا يعرف وقت الإمساك وقد تأخر عن الإمساك إلى حين الانتهاء من الأذان، وقال له شخص بجانبه‏:‏ إنك متأخر عن الإمساك والإمساك عند ضرب المدفع أرجو الإفادة أفادكم الله‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هنا في مكة يكون ضرب المدفع تحريضاً للناس على إنهاء سحورهم، وليس هو علامة على أن الفجر قد طلع، وإنما العلامة على طلوع الفجر هي أذان المؤذن، فإذا أذن المؤذن وجب الإمساك ظاهراً، وأما المدفع فلا يجب الإمساك عليه؛ لأن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ‏}‏ فلا يجب على الإنسان أن يمسك عن الأكل والشرب حتى يتبين الفجر، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام‏:‏ ‏(‏إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر‏)‏ رواه البخاري‏.‏

وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى مسألة شائعة عند العوام، يقولون‏:‏ إن الإنسان إذا تسحر فأكل وشرب ثم نوى الصوم فإنه لا يجوز له أن يأكل بعد ذلك ولو كان الفجر لم يطلع‏.‏ وهذا ليس بصحيح أنت لو أكلت وشربت ونويت الصوم واعتبرت نفسك منتهياً والفجر لم يطلع فلك أن تأكل وتشرب حتى يطلع الفجر‏.‏

* * *

372 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إذا شك الإنسان في طلوع الفجر فهل يجوز له الأكل والشرب‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ يجوز للإنسان أن يأكل ويشرب حتى يتبين له الفجر لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ‏}‏ فمادام لم يتيقن، أن الفجر قد طلع فله الأكل ولو كان شاكًّا حتى يتيقن، بخلاف من شك في غروب الشمس، فإنه لا يأكل حتى يتيقن غروب الشمس، أو يغلب على ظنه غروب الشمس‏.‏

* * *

472 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن حكم الأكل أثناء أذان الفجر‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ حكم هذا الأكل الذي يكون في أثناء الأذان حسب أذان المؤذن فإن كان لا يؤذن إلا بعد أن يتيقن من طلوع الفجر، فإن الواجب الإمساك من حين أن يؤذن لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏كلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر‏)‏ وإن كان لا يتيقن طلوع الفجر فالأولى أن يمسك إذا أذن، وله أن يأكل حتى يفرغ المؤذن مادام لم يتيقن، لأن الأصل بقاء الليل، لكن الأفضل الاحتياط، وأن لا يأكل بعد أذان الفجر‏.‏

* * *

572 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ متى يجب الإمساك هل حال سماع المؤذن أم بعد فراغه من الأذان، وخصوصاً إذا كنت لا أعلم هل طلع الفجر أم لا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ يجب على الصائم الإمساك إذا تبين له الفجر أو أخبره بطلوعه ثقة لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ‏}‏ ولقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏كلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر‏)‏‏.‏

وبناء على ذلك فإن كان المؤذن لا يؤذن حتى يطلع الفجر وجب الإمساك بمجرد أذان الفجر، وإن كان يتحرى ولا يتيقن لم يكن الإمساك واجباً، لأن الله تعالى جعل الحكم معلقاً بتبين طلوع الفجر‏.‏

* * *

672 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إذا شرب الإنسان بعد سماعه أذان الفجر فما حكم صيامه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا شرب الصائم بعد سماعه أذان الفجر فإن كان المؤذن يؤذن بعد أن تبين له الصبح فإنه لا يجوز للصائم أن يأكل ويشرب بعده، وإن كان يؤذن قبل أن يتبين له الصبح، فلا بأس بالأكل والشرب حتى يتبين الصبح لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ‏}‏ وقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر‏)‏، ولهذا كان ينبغي للمؤذنين أن يتحروا في أذان الصبح، ولا يؤذنوا حتى يتبين لهم الصبح، أو يتيقنوا طلوعه بالساعات المضبوطة، لئلا يغروا الناس فيحرموهم ما أحل الله لهم، ويحلوا لهم صلاة الصبح قبل وقتها، وفي هذا من الخطر ما فيه‏.‏

* * *

772 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ بعض الأهل عندما كانوا يأكلون بعد أذان الفجر، ذكرت لهم أن ذلك لا يجوز فقالوا‏:‏ ما في ذلك شيء‏.‏ فما حكم هذه الأيام الماضية‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ كلمة ‏(‏ما في ذلك شيء‏)‏ ليست حجة، لكن لو قالوا‏:‏ ما طلع الفجر، مثل أن يكونوا في البر وليس حولهم أنوار، وقالوا‏:‏ لم نشاهد الفجر، لأن بعض الناس الآن يشككون في التقويم الموجود بين أيدي الناس، يقولون‏:‏ إنه متقدم على طلوع الفجر، وقد خرجنا إلى البر وليس حولنا أنوار، ورأينا الفجر يتأخر، حتى بالغ بعضهم وقال‏:‏ يتأخر ثلث ساعة‏.‏

لكن الظاهر أن هذا مبالغة لا تصح، والذي نراه أن التقويم الذي بين أيدي الناس الآن فيه تقديم خمس دقائق في الفجر خاصة، يعني لو أكلت وهو يؤذن على التقويم فلا حرج، إلا إذا كان المؤذن يحتاط ويتأخر، فبعض المؤذنين ـ جزاهم الله خيراً ـ يحتاطون ولا يؤذنون إلا بعد خمس دقائق من التوقيت الموجود الآن، وبعض جهال المؤذنين يتقدمون في أذان الفجر، زعماً منهم أن هذا أحوط للصوم، لكنهم ينسون أنهم يهملون ما هو أشد من الصوم وهو صلاة الفجر، ربما يصلي أحد قبل الوقت بناء على أذانهم، والإنسان إذا صلى قبل الوقت ولو بتكبيرة الإحرام، ما صحت صلاته، ثم هم ـ أعني هؤلاء المؤذنين قبل الفجر ـ يقولون‏:‏ نحن نحتاط‏.‏

نقول‏:‏ تحتاطون أكثر مما احتاط الله لعباده، إن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ‏}‏ فلابد أن تتبين الفجر، حتى التعبير القرآني لم يقل‏:‏ حتى يطلع الفجر، بل قال‏:‏ ‏{‏حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ‏}‏ فأنتم الآن أذنتم ومنعتم عباد الله ألا يأكلوا ولا يشربوا في هذه اللحظة، معناه أنكم حرمتم على الناس ما أباح الله لهم، فيكون عليكم إثم من هذه الناحية أيضاً، حتى لو فرض أن الناس تمهلوا ولم يصلوا، فعليكم إثم من جهة أنكم منعتم عباد الله مما أحل الله لهم‏.‏

فالجهل داء قاتل، وبعض الناس يكون جاهلاً وينظر بعين الأعور، لا يرى إلا من جانب واحد، والجانب الثاني مهمل، وهذا غلط عظيم، ولذلك يجب على طلبة العلم أن ينبهوا الناس على هذه المسألة، وخصوصاً المؤذنين ويقولون‏:‏ اتقوا الله في عباد الله، كيف تؤذنون قبل الفجر وتمنعون عباد الله مما أحل الله لهم‏؟‏ ربما يكون الإنسان قائماً من النوم وعطشان يريد أن يشرب، ولكن بورعه وتقواه لما سمع المؤذن أمسك، والمؤذن يؤذن قبل الفجر زعماً منه أن هذا هو الأحوط، فيحرم هذا الرجل المسكين من شربه الماء، فليس الاحتياط أن تتبع الأشد، بل الاحتياط الحقيقي أن تتبع ما جاءت به الشريعة‏.‏

* * *

872 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم الأكل في أثناء أذان الفجر حتى يكتمل‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ حكم هذا الأكل الذي يكون في أثناء الأذان حسب أذان المؤذن فإن كان لا يؤذن إلا بعد أن يتيقن طلوع الفجر فإن الواجب الإمساك من حين أن يؤذن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏كلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم‏)‏ وإن كان لا يتيقن طلوع الفجر فالأولى أن يمسك إذا أذن، وله أن يأكل حتى يفرغ المؤذن مادام لم يتيقن، لأن الأصل بقاء الليل، لكن الأفضل الاحتياط وأن لا يأكل بعد أذان الفجر‏.‏

* * *

972 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يلزم الصائم أن يمسك من حين يسمع النداء أو إلى أن ينتهي المؤذن‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ جوابنا على هذا السؤال الذي يقول فيه صاحبه‏:‏ هل يمسك من حين أن يسمع المؤذن مؤذن الفجر، أو يجوز له أن يأكل ويشرب حتى ينتهي من الأذان‏؟‏ جوابنا على هذا أن نقول‏:‏ إن الحكم مرتب على طلوع الفجر، فمتى طلع الفجر وجب على المرء الإمساك، سواء أذن أم لم يؤذن، وإن لم يطلع الفجر فإنه لا يجب الإمساك، سواء أذن أو لم يؤذن، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ‏}‏ وفي قوله تعالى ‏{‏حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ‏}‏ دليل على أنه يجوز للمرء أن يأكل ويشرب مع الشك في طلوع الفجر، وذلك لأن الأصل بقاء الليل، وما كان هو الأصل فإنه لا ينتقل عنه إلا بيقين، فإذا علم أن هذا المؤذن لا يؤذن إلا حينما يطلع الفجر، فعليه أن يمسك بمجرد سماعه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر‏)‏‏.‏

* * *

082 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يلزم الإمساك بمجرد سماع الأذان‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الأذان لصلاة الفجر إما أن يكون بعد طلوع الفجر، أو قبله، فإن كان بعد طلوع الفجر فإنه يجب على الإنسان أن يمسك بمجرد سماع الأذان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر‏)‏ ‏.‏

فإذا كنت تعلم أن هذا المؤذن لا يؤذن إلا إذا طلع الفجر فأمسك بمجرد أذانه، أما إذا كان المؤذن يؤذن بناء على ما يعرف من التوقيت أو بناء على ساعته، فإن الأمر في هذا أهون وينبغي للإنسان أن يحتاط لنفسه فإذا سمع المؤذن فليمسك‏.‏

* * *